خطاب المواقع الإلکترونية حول الدستور المصري 2012 : دراسة تحليلية لخطابات التيارات المدنية وذات المرجعية الإسلامية

نوع المستند : بحوث علمیة متخصصة فی مجال الاعلام والاتصال.

المؤلف

أستاذ الصحافة المساعد، قسم الإعلام، کلية الآداب، جامعة حلوان

المستخلص

يعد الجدل المثار فى مصر بشأن إعداد وثيقة الدستور المصرى 2012 وعمل الجمعية التأسيسية جدلا سياسيا أکثر من کونه جدلا قانونيا ، ويرى بعض المراقبين أن هذا الجدل والتجاذبات سببه استقطاب شديد بين مختلف القوى والتيارات السياسية ولاعلاقة له بالوثيقة الدستورية فى حد ذاتها . فيما نظر آخرون إلى أن هذا الجدل ظاهرة صحية بشرط أن يکون جدلا من أجل البناء لاالهدم ، ورأى آخرون أن سبب تعثر عمل الجمعية التأسيسية الاستقطاب السياسى لترکيبتها واختلال التوازن بين القوى الليبرالية والإسلامية . وقد أدى ذلک إلى حالة من الانسداد والمواجهة المفتوحة بين المؤيدين والمعارضين التى خلفها الإعلان الدستورى فى نوفمبر 2012 ورأى البعض أن قرارات الرئيس المصرى لها مبرراتها السياسية ولکنها ليست متطابقة مع القانون ويمکن أن تنجم عنها سلبيات لاحقا .
لقد کان الاستقطاب السياسى الحاد أسوأ نتائج مابعد ثورة 25 يناير وقد بدأت ملامحه إبان الاستفتاء على التعديلات الدستورية فى 19 مارس 2011 ، ثم استمر وتفاقم حجمه حتى بلغ ذروته خلال الفترة التى شهدت الجدل حول الدستور وصدور الاعلان الدستورى فى نوفمبر 2012 الذى زاد من شدة الاستقطاب وبعد ذلک على الاستفتاء على الدستور وتکمن خطورته فى حشد طاقات الأفراد وتعبئتهم لدعم رؤية واحدة تنطلق من صورة إيجابية للذات مقابل خطأ الغير وانحرافهم، ومن ثم فهذا الاستقطاب يقسم المجتمع ويدعم النزاع والشقاق ويؤدى إلى التصنيف على أساس الهوية الفکرية والسياسية ويفرض على المصريين منهج الفسطاطين فسطاط الحق وفسطاط الباطل .
ويمثل الخلاف على الجمعية التأسيسية نتاج مفارقات بين التيارات السياسية والفکرية فى الساحة المصرية أبرزها مفارقة الحزبى والوطنى حيث أن تشکيل الجمعية من البداية هو تشکيل حزبى سياسى له عدد محدد يمثلون التيارين الکبيرين المحافظ والليبرالى والمعيار هو مدى تمسک الطرفين بدور الدين فى الحياة العامة والتشريعية ومفارقة التشدد والمرونة حيث أن قوى التشدد على الجانبين تعتقد أنها تتبنى مواقف وطنية فالمحافظون يعتقدون أن الوطنية فى أن تکون عبارات من قبيل " شرع الله " و"أحکام الشريعة " موجودة بکثرة لضمان ألايخرج الدستور عن شرع الله ، والليبراليون يعتقدون أن الوطنية فى أن تغييب هذه العبارات ليس بالضرورة رفضا لشرع الله ولکن تحوطا من أن تستخدم کأدوات لصناعة دولة کهنوتية .

وتکمن المشکلة أن الدستور إذا وضع بمعرفة قوى الأغلبية فى السلطة التشريعية أو على الأقل بتوجيه منها لن يکون معبرا بالضرورة عن مجمل قوى المجتمع وتوجهاتها وبالتالى سوف يصبح أقرب إلى وثيقة سياسية مؤقتة تزول بزوال هيمنة من وضعها منه إلى وثيقة اجتماعية حاکمة لاتختلف حول جوهرها قوى المجتمع کافة .



 

الكلمات الرئيسية