أطر معالجة الأزمات المجتمعية في الخطاب الصحفي: دراسة تحليلية مقارنة لعينة من الصحف الحزبية والخاصة

نوع المستند : بحوث علمیة متخصصة فی مجال الاعلام والاتصال.

المؤلف

أستاذ الصحافة المساعد بقسم الإعلام، کلية الآداب، جامعة طنطا

المستخلص

 
استهدفت الدراسة التعرف على أطر معالجة الأزمات المجتمعية الراهنة فى خطابات الصحف الحزبية والخاصة، وعلى الرغم من هذه الأزمات تمثل قضايا مستمرة - فالقضايا ليست جميعها طارئة أو مرتبطة بحدث مؤقت ولکنها مستمرة باستمرار وجود تفاوت فى قدرات وإمکانيات الأفراد وتطلعاتهم وظروفهم، وکذلک باستمرار وجود قصور فى السياسات الحالية المنوط بها النهوض بمستوى معيشة الأفراد، وفى ظل الأزمات العديدة التى تشهدها مصر الآن .
ومع تصاعد وتيرة الأزمات المجتمعية الراهنة انتقلت الصحف المصرية نقلة نوعية ولکن فى الاتجاه المغاير بعيدا عن المهنية والمسئولية الاجتماعية وحارس البوابة بعد أن انخرطت فى دهاليز الحزيية والفئوية الضيقة مما جعلها أداة فاعلة من أدوات التأثير وفقدان السلم الاجتماعى وزيادة حالة الإرباک فى الساحة المصرية التى تعانى أصلا من تشوهات سياسية واقتصادية واجتماعية و أمنية وإعلامية مختلفة، کما ألقت الأزمات المجتمعية الأخيرة بتداعيات وظلال غير مسئولة مهنيا وأخلاقيا ووطنيا على أداء الکثير من الصحف وإدارتها للأزمة فبدلاً من أن يشکل الأداء الإعلامى الصحفى "إعلام أزمة"' أو "الإدارة الإعلامية للأزمة " للتخفيف من حدة الأزمات الراهنة، أسهم بصورة أو بأخرى فى زيادة حالة الاستقطاب السائدة في المجتمع وتوسيع الهوة بين طرفى الأزمة وجماهيرهم المختلفة.
وکان لنمط ملکية الصحيفة (حزبية - خاصة) تأثيرها على حجم وطبيعة الاهتمام بالأزمات المجتمعية والأطر المستخدمة .وتتفق هذه النتائج مع دراسة آمال کمال ( والتى أثبتت أنه قد تمارس نوع الصحيفة وأيديولوجيتها تأثيراً کبيراً فى تشکيل الأطر، فبعض الصحف تميل إلى تغطية الأحداث والقضايا فى إطار عام ومجرد، والبعض الآخر يميل إلى تغطيتها ومعالجتها فى إطار محدد وملموس، إذ تؤثر عوامل الاستقلال السياسى للصحيفة ومصادر أخبارها ونوعها، وتأثير السياسة التحريرية الخاصة بها، فضلا عن المعتقدات الأيديولوجية والثقافية للقائمين بالاتصال، وطبيعة الأحداث ذاتها، وضغوط جماعات المصالح، والقيود داخل المؤسسة الإعلامية والروتين الصحفى على کيفية وضع الأطر وتشکيل أهدافها وصياغة المبررات المنطقية والعاطفية بما يتلاءم وهذه السياسة واقتصرت معظهم المعالجات على السرد الإخبارى التقريرى لبعض الأحداث والأزمات دون التعليق عليها وشرحها للقراء والاقتصار على تقديم معالجات تتمشى مع أهداف منتجها أو مالکيها، وتجلى تأثير السياسة التحريرية للجريدة
عند تغطية حدث ما فى الترکيز على زوايا معينة من هذا الحدث دون سواها، وتحديد أماکن وشخصيات معينة تنقل عنهم ولهم وتضعهم فى دائرة الضوء عن غيرهم، وتطبيق معايير محددة وأطر بعينها فى معالجة الحدث، فضلا عن عمليات التشکيل والدمج والحذف والاستبعاد والاضافة والشرح والتفسير والتحليل، وصياغة المبررات المنطقية والأطر العاطفية بما يتلاءم وهذه السياسة.
وعلى الرغم من أن التعليل الظاهرى لمعالجة الصحف المصرية للأزمات المثارة والأحداث والقضايا المرتبطة بها يشير إلى أن هناک نوعا مختلفا فى الأداء وتباين فى المواقف من جريدة لأخرى، فإن هناک ميلا لوجود تشابه فى المعالجات الإعلامية لبعض الأحداث وطريقة التناول الصحفى للقضايا والأزمات المعاصرة من خلال رصد تراجع الخطابات عن أداء وظيفة الصحافة فى المجتمع خاصة وقت الأزمات، والاعتماد على المعالجات السردية الوصفية، والعبارات الحماسية، وتغليب الجوانب العاطفية والإحالات الإنسانية، وغياب الخطاب الموضوعى الشارح التوجيهى الذى يقدم للقارئ وقت الأزمات والقضايا المصيرية رأيا يساعده على تکوين أرائه واتخاذ مواقفه، فى الوقت ذاته اختلفت زاوية المعالجة لأزمات أخرى وفقاً لطبيعة الإطار الذى قدمت من خلاله الأزمة.
جاء اهتمام خطاب الصحف باستهلاک المشکلات أکثر من مواجهتها وبالتالى وقفت الصحف فى معالجتها للأزمات الراهنة عند القيام بدور الناشر بعيدا عن إثارة الجدل واتخاذ المواقف، کما رصدت الدراسة غياب إبعاد معينة فى الأطر المستخدمة بهدف تدعيم توجه معين تسعى المؤسسة الإعلامية لإبرازه، وانصب الاهتمام واضحا فى معظم الکتابات حول طرح رؤى لطبيعة الأزمات المتفاقمة فى مصر بين مدافع ومهاجم من خلال استخدام أطر التوصيف دون الاهتمام برصد حلول أو وضع مقترحات وريما يرجع ذلک إلى لحساسية القضاي وتعقدها وإشکالية الوصول إلى اتفاق حول ماهيتها، فضلا عن تعدد الآراء واختلاف التوجهات السياسية والفکرية والدينية بشأنها، وجاءت النتائج متفقة فى هذا السياق مع دراسة سامى النجار، واللتى رصدت غياب واضح لبعض الأشکال الصحفية کالمواد التفسيرية والاستتصائية.

الكلمات الرئيسية