أطر تقديم أزمة الشرعية السياسية في الصحافة المصرية

نوع المستند : بحوث علمیة متخصصة فی مجال الاعلام والاتصال.

المؤلف

مدرس مساعد بکلية الإعلام، قسم الصحافة ، جامعة القاهرة

المستخلص

سعت هذه الدراسة للتعرف علي أطر المعالجة الصحفية التي وظفتها صحيفتي الحرية والعدالة، التحرير" في معالجتها لأزمة الشرعية السياسية، ومدي تباينها من صحيفة لأخري طبقاً للسياسة التحريرية لکل صحيفة والتي حکمت توجهها من الأزمة، کما سعت الدراسة أيضاً لرصد أبرز الاستراتجيات التي استخدمتها الصحف المدروسة في تأطيرها للأزمة ومحددات تشکيلها، وکذلک تحديد أهم المصادر التي اعتمدت عليها الصحف في تناولها للأزمة، وتحديد الأطراف والشخصيات المحورية البارزة في معالجات صحف الدراسة للأزمة، إلي جانب استخلاص أوجه الاتساق والاختلاف معالجات صحف الدراسة  للأزمة علي اختلاف توجهاتها.

واتساقاً مع الهدف الرئيسي للدراسة، استخدمت الدراسة نظرية الإطار الإعلامي کسياق تطبيقي للدراسة بغية استکشاف أبرز أطر معالجتها لأزمة الشرعية السياسية، إلي جانب نموذج " الإعلام والشرعية السياسية" کإطار يقدم خلاصة تفسيرية لحدود دور صحيفتي الدراسة في التمهيد لأحداث 30 يونية. کما اعتمدت الدراسة علي منهج المسح الإعلامي، وأسلوب المقارنة المنهجية، إلي جانب إداة تحليل المضمون، وأسلوب تحليل القوي الفاعلة. وامتدت الفترة الزمنية للدراسة من 22 نوفمبر 2012 حتي 30يونيه 2013.

وخلصت الدراسة إلي أن صحيفة الحرية والعدالة قد انطلقت من موقفها الداعم لشرعية مرسي وبقاء نظامه في إبراز إطار الإجماع الهادف إلي إظهار تأييد جموع الشعب المصري لبقاء نظام مرسي، علي عکس صحيفة التحرير التي انطلقت من الإطار ذاته لإبراز تأييد الشعب المصري لرحيل النظام، وبينما استخدمت صحيفة الحرية والعدالة إطار الحشد في دعوة المواطنين للنزول والمشارکة في المظاهرات الداعمة لشرعية نظام مرسي، اعتمدت صحيفة التحرير علي الإطار ذاته في دعوة المصريين للمشارکة في المظاهرات المطالبة برحيل النظام. وإلي جانب أطر الإجماع والحشد تشابهت صحف الدراسة في أربعة أطر أخري هي إطار التخوين، إطار بناء التوقعات،إطار إدانة العنف، إطار الصراع السياسي، وان اختلفت دلالات توظيف هذه الإطر بين الصحيفتين طبقاً لموقف کلاً منها في الأزمة.

وأشارت الدراسة إلي مجموعة من الأطر التي ظهرت في صحيفة الحرية والعدالة دون صحيفة التحرير هي: إطار الإشادة بأداء مرسي ونظامه، إطار التهوين من دعوات العصيان والتمرد، إلي جانب إبراز إطار الانقسام بين صفوف المعارضين لنظام مرسي.
کما ظهرت أربعة أطر رئيسية في صحيفة التحرير دون صحيفة الحرية والعدالة، هي : إطار الفشل السياسي للنظام، إطار مساندة التيارات المعارضة لمرسي، إطار الهيمنة والاستبداد السياسي، إطار الاستنفار والکراهية من جماعة الإخوان، وهي في مجملها تدعم موقف الصحيفة من الأزمة الذي تجلي في المطالبة برحيل بنظام مرسي.

کما کشفت نتائج التحليل عن ستة إستراتجيات رئيسية برزت في سياق معالجة الصحيفتين للأزمة، هي : إستراتجية الهجوم، إستراتجية التجاهل والاقصاء، إستراتجية التخويف، إستراتجية التحدي، الإستراتجية المستقبلية. وتبين من نتائج التحليل اختلاف توظيف هذه الاستراتجيات طبقاً لموقف کل صحيفة من الأزمة، فيبنما وظفت صحيفة الحرية والعدالة إستراتجية التخويف في إثارة الخوف من رحيل نظام مرسي، وظفتها صحيفة التحرير في إثارة الخوف من بقاء هذا النظام ورحيله. وأظهرت النتائج استناد کل صحيفة إلي المصادر التي تتسق مع موقفها من الأزمة، وهو ما يؤکد نتيجة مفاداتها أحادية الرؤي المطروحة داخل کل صحيفة في سياق معالجتها للأزمة.

وأوضحت نتائج التحليل أن الأطراف المحورية التي برزت في سياق معالجات الصحف المدروسة للأزمة هي: مرسي، جماعة الإخوان، الشعب المصري، مؤيدو مرسي، معارضو الرئيس، الشرطة، الحکومة، القضاة، وسائل الإعلام المؤيدة لسياسات مرسي، ووسائل الإعلام المعارضة لنظام مرسي، المؤسسة العسکرية، القوي الخارجية، وقوي أخري مثل نشطاء الفيس بوک. وقد اختلفت طبيعة التصورات المنسوبة إليهم سلباً وإيجاباً بحسب حدود دور کل منهم في الأزمة، ومدي اتساق ذلک مع موقف کل صحيفة من الأزمة.
 ومما سبق يتضح، أن السياسة التحريرية لکل صحيفة وموقفها من الأزمة قد انعکس بشکل واضح علي أطر تناولها للأزمة، واستراتجيات تأطيرها للأزمة، ومصادر المعلومات التي اعتمدت عليها، وطبيعة التصورات المنسوبة للأطراف المحورية في الأزمة.

وطبقاً لنموذج الإعلام والشرعية السياسية الذي وظفته الدراسة کإطار تفسيري، تبين أن الصحيفتين لعبوا دوراً في التمهيد لأحداث 30 يونية، وإن اختلفت الاليات فيما بينهم، فصحيفة التحرير لعبت هذا الدور عبر التأکيد علي فشل نظام مرسي في تلبية احتياجات المواطنين،  والتأکيد علي تأکل شعبيته في الشارع، والدعوة إلي الثورة علي النظام والخلاص منه، ومساندة الحرکات الاحتجاجية المطالبة برحيل النظام. فيما تجلت محددات دور صحيفة الحرية والعدالة في تبنيها اتجاهاً مغايراً تمثل في المبالغة الشديدة بأداء نظام مرسي، بشکل حمل تناقضات بين ماتعکسه الصحيفة في خطابها، والواقع الذي يعيشه المواطن المصري من أزمات حياتية ومشکلات، وهو ماساهم طبقاً للنموذج في تعميق الفجوة بين النظام والمواطنين.

 
 

الكلمات الرئيسية