ملامح البنية السردية لنصوص التواصل الاجتماعي : دراسة تحليلية لنصوص موقع "فيس بوک" في إطار مدخل السرد البنيوي

نوع المستند : بحوث علمیة متخصصة فی مجال الاعلام والاتصال.

المؤلف

مدرس بکلية الإعلام ، الجامعة الحديثة للتکنولوجيا والمعلومات

المستخلص

يشغل التواصل الاجتماعي اليوم مساحة واسعة ومتنامية من مساحات التواصل الإنساني التي يمارسها البشر. وهي مساحة من التواصل ينسج محتواها العديد من الرموز والإشارات المحملة بالعديد من الأفکار والدلالات النفسية والاجتماعية.
وکما يقول رولان بارت فإن أشکال السرد في العالم لا حصر لها، لدرجة أن کل مادة لغوية هي مادة صالحة لأن يضمنها الإنسان شکلا من أشکال السرد، فالسرد يمکن أن تحتمله اللغة، شفوية کانت أم منطوقة، والصورة، ثابتة کانت أم متحرکة، والإيماءة، کما يمکن أن يحتمله خليط منظم من هذه المواد. کذلک فإن السرد حاضر في الأسطورة وفي الحکاية الخرافية وفي الأقصوصة والملحمة والتاريخ والمأساة والدراما والملهاة واللوحة والنقش علي الزجاج والسينما والخبر الصحفي، فضلا عن ذلک فإن السرد بأشکاله اللانهائية والمتنوعة حاضر في کل الأزمنة وکل الأمکنة وفي کل المجتمعات، فهو يبدأ مع تاريخ البشرية ذاته ولا يوجد شعب من الشعوب بدون سرد، فلکل الطبقات ولکل الجماعات البشرية سرودها.
 ونضيف إلي ما قاله رولان بارت أن السرد بالتبعية حاضرٌ، بشکل أو بآخر في رسائل التواصل الاجتماعي عبر شبکة الإنترنت، بکل ما تطرحه من تنويعات في أشکال ومحتوى التواصل بين مستخدمي الشبکة.
وفي إطار السرد داخل منظومة التواصل الاجتماعي - شأنه شأن أشکال السرد الأخرى - تعبر الوحدات النصية المختلفة عن أفکار ومعاني وربما أيديولوجيات وسلوکيات وقيم اجتماعية يکشف السارد عنها، ولکن عبر بنية عميقة غير ظاهرة على سطح النص، مما يجعل ذلک النظام السردي المشار إليه غير ظاهر للقارئ العادى.
ويمنح مجال تحليل السرد لآليات التحليل النصوص الإعلامية إمکانية جديدة للقراءة والتحليل تختلف عن آليات التحليل الکمي والکيفي الأخرى التي سادت مجال البحث الإعلامي لفترات طويلة، فقد أضاف تحليل السرد مجالات ورؤى وأبعاد جديدة للبحث والتنقيب في ثنايا النص الاتصالي، بداية بما يحيط بالنص وإنتهاءً بمکوناته وعلاقته الداخلية.
ويأتي هذا البحث کمحاولة لفهم محتوى رسائل التواصل المتبادلة عبر شبکات التواصل الاجتماعي، ولکن من خلال رؤية تحليلية مغايرة تحاول ألا تکتفي بالحصر الکمي للأفکار التي يحملها النص، بل تحاول تلک الرؤية الکشف البنية العميقة لرسائل هذا المحتوى، وللنظام الثابت والمتکرر والفاعل في تشکيل ملامحها. وسيکون السبيل للوصول إلى هذا الکشف هو تطبيق أسلوب التحليل السردي، أو بمعنى أدق تطبيق أسلوب "تحليل السرد البنيوي" Structural narrative analysis الذي يتيح الکشف عن البنيات العميقة للنصوص.
وعلى نحو محدد يحاول البحث الحالي کشف الملامح العامة المشترکة، التي تمتع بثبات نسبي للخطاب السردي المنشور عبر صفحات التواصل الاجتماعي وذلک عبر تطبيق آليات التحليل البنيوي.
ويقصد الباحث هنا بالبني مجموعة القواعد أو القوانين أو النظم أو الثوابت العامة الحاکمة لسرد تلک النوعية من النصوص، فيما يقصد بالوحدات االتجليات والتشکلات والمؤشرات اللغوية الدالة علي هذه القواعد والقوانين والنظم.

الكلمات الرئيسية