مشارکــــة المصريين في أنشطـة العرائض المطبوعــة والالکترونيــة : دراسة تحليلية وميدانية

نوع المستند : بحوث علمیة متخصصة فی مجال الاعلام والاتصال.

المؤلف

مدرس بقسم الصحافة، کلية الإعلام، جامعة القاهرة

المستخلص

 تبرز أهمية الدراسة الراهنة في استکشافها مساحة بحثية غير مطروقة في دراسات الاتصال السياسي في مجتمعاتنا العربية، وذلک بتناولها لأداة مستحدثة من أدوات الرأي العام، وهي العرائض بنوعيها المطبوع والالکتروني، کما تتجلى أهميتها في سعيها نحو تأسيس مدخل متکامل لهذه النوعية من الدراسات، من خلال دراستين أحدهما تحليلية، والاخرى ميدانية، لوضع تحليل وتفسير متطور للظاهرة، في ضوء سياقاتها المجتمعية والاتصالية المعاصرة، وفي ضوء مدخل نظري غير مطروق في تفسير تأثيرات الظواهر الإعلامية، وهو نظرية السلوک المخطط .
 وقد خلصت الدراسة في شقها التحليلي إلى تزايد وعي المصريين بهذه الأداة المستحدثة، في التعبير عن الرأي، والحشد من أجل العمل الجمعي، الساعي نحو التغيير والتأثير على صناعة القرار السياسي، وهو ما تجلى في تزايد مشارکاتهم بمعدلات غير مسبوقة في مواقع الدراسة، حيث تم رفع 45 عريضة في عام 2012م، فيما تم رفع 415 عريضة بمعدل 90.2% في عام 2013م، وهو ما يتسق مع ما کشفت عنه الدراسة الميدانية من ايجابية تصورات المبحوثين نحو هذه الأداة .
کما کشفت الدراسة أن المجال الموضوعي الأکثر بروزا في عرائض المصريين، کان المجال السياسي، ثم وبفارق کبير المجالات الثقافية، وخاصة الدينية، والإعلامية ثم الحريات وحقوق الانسان والأقليات ثم الاجتماعية ثم الاقتصادية، وأن الاتجاهات الايجابية(الدعم/التأييد) کانت العامل الأکثر تأثيرا في دفع المصريين لممارسة أنشطة العرائض خلال فترة الدراسة، وکان أغلبها لتأييد مصر کدولة آمنة وذات سيادة وتأييد الجيش المصري وثورة 30 يونيو والفريق عبد الفتاح السياسي حينذاک في حرب البلاد ضد الإرهاب ومخططات التدخل الخارجي، وتقسيم البلاد.
وأوضحت النتائج أن الغرض من رفع هذه العرائض کان على الترتيب تقديم طلب ما بمعدل 65%، ثم تقديم تفسير وتوضيح اهتمام ثم الشکوى ثم الإعلان والترويج ثم اقتراح أفکار جديدة، وأن الأهداف التي وجه إليها المصريون عرائضهم، کانت في مقدمتها لجهات خارجية أجنبية، ثم قوى داخلية، ثم قوى غير محددة ثم القوى العربية، وأن بعض عرائضهم نجحت في الوصول إلى توقيعات مرتفعة الکثافة جدا، تتجاوز المائة ألف توقيع، بينما ترکز أغلبيتها في فئة التوقيعات منخفضة الکثافة.  
 وأن الملتمسين المصريين کانوا أفراد بمعدل 97.6%، وهو ما يشير إلى غياب الدور المؤسسي لهيئات ومنظمات المجتمع المدني، والأحزاب والتنظيمات المجتمعية المختلفة، في هذا النشاط، وأن الملتمسين کانوا يکتبون عرائضهم باللغة العربية بمعدل 52% تقريبا، يليها وبفارق کبير اللغة الانجليزية بمعدل 25%، ثم أکثر من لغة بمعدل 23%، وأن بعضهم کان يلجأ لترجمة جوجل لعمل ترجمات متعددة اللغات لعريضته، وأن هذه الترجمات کانت متطابقة العناوين إلى حد کبير، ومليئة بالأخطاء اللغوية ايضا.
أما الشق الميداني للدراسة فقد اثبت أن خبرات المبحوثين في المشارکة في أنشطة العرائض، ترکزت في شکل توقيع العرائض بمعدل 98%، وبفارق کبير للغاية برزت أنشطة الترويج ثم الانشاء، وأن هناک کثافة نسبية في مشارکتهم في توقيع العرائض، وهنا لاحظت الباحثة أن الأرقام قد لا تحمل دلالات حقيقية، لأن بعض المبحوثين، کان يتباهى بأنهم من شدة تأييدهم للقضية، قد قاموا بتوقيع العريضة الواحدة، أکثر من مرة، وخاصة في صورتها المطبوعة، وهو ما يکشف عن نقص وعي واضح  بقواعد التصويت على هذه العرائض سواء ورقيا أو الکترونيا، اکثر من کشفه عن سوء نية الممارس لهذا السلوک.
 وعن المجالات الموضوعية التي يفضل المبحوثون ممارسة هذه الأنشطة من خلالها، أجابوا بأنها على الترتيب: الموضوعات الحقوقية ثم السياسية ثم الاقتصادية ثم الدولية ثم الثقافية والدينية ثم الاجتماعية، وهو ما يتسق مع المجالات الموضوعية، التي کشفت عنها الدراسة التحليلية، کما برز اتساق اخر بين دوافع ممارسة النشاط في الدراسة الميدانية، والغرض من العرائض، الذي کشفت عنه الدراسة التحليلية.
وأخيرا .. کشفت الدراسة عن مفارقة مهمة، وهي أنه رغم محدودية درجة رضا المبحوثين عن نتائج هذه الأنشطة، إلا أن الاجابة الايجابية لنوايا العودة لممارستها في المستقبل جاءت مرتفعة نسبيا 59.2%، مقارنة بمعدلات رفض العودة لممارستها 10.8%، فيما ظل 30% غير قادرين على بلورة موقف محدد بعد، وهو ما يثير تساؤلات عدة عن العوامل المتعددة والمتداخلة التي تحول النوايا السلوکية إلى سلوک وممارسة فعلية لهذه الأنشطة على أرض الواقع، وهو ما يمکن أن يتم تناوله مستقبليا من خلال مداخل نظرية مختلفة، عن المدخل الذي اعتمدت عليه الدراسة، وهو مدخل السلوک المخطط.

الكلمات الرئيسية