علي الرغم من أن الوطن العربي يضم أکثر من 375مرکز بحث ، 20% منها مرکزا متخصصا ،12% تابع للجامعات ،51% منها تابع للوزارات ،18% تابعة لجهتين أو أکثر و يوجد عدد کبير من العلماء يتوزعون على اختصاصات متعددة ، منهم 26% في العلوم الطبيعية ، 24% في العلوم الزراعية ، 20% في العلوم الهندسية ، 8% في الاقتصاد و الاداره ، 22% في العلوم الإنسانية .
و لکن حقيقة الأمر لا تسر ، و ذلک لأن عدد العاملين في مؤسسات البحث العلمي قليل إذ تبلغ نسبتهم 204 عالما لکل عشرة آلاف من السکان وهى نسبه متدنية خاصة عند مقارنتها مع ما يوجد من العلماء في البلدان المتقدمة ، مثل اليابان التي تبلغ النسبة فيها 35.5% لکل 10 آلاف نسمه ، والولايات المتحدة 26.8% ، و أوروبا 16.3% کما أنها أقل من المعدل العالمي الذي يبلغ 12.2% لکل عشرة آلاف نسمه .
يضاف إلي ذلک أن الأموال التي تنفق على البحث و التطوير کنسبه من الناتج القومي قليلة جدا رغم أن البحث العلمي عماد کل تخطيط و عصب کل تنميه ، إذ بواسطته تم وضع خطط التنمية على أسس سليمة و متينة.
إن المؤشرات الإحصائية التي تشکل مادة مهمة في رصد واقع البحث العلمي في البلدان العربية و مقارنته بدول العالم الأخرى تبين لنا القصور الذي تعاني منه مؤسسات البحث العلمي في الوطن العربي ، و لا سيما مؤشر الإنفاق المالي على البحث العلمي ، الذي و صفه تقرير التنمية البشرية عام 2004 بأنه في أدني مستوياته في الوطن العربي ، إذ لا يتجاوز 0.2% من الدخل القومي ، مقابل 22% في اليابان على سبيل المثال ، کما أن حصة المواطن العربي من الإنفاق على البحث العلمي لا تتجاوز ثلاثة دولار ، مقابل 4.9 دولارات في ألمانيا ، 6.1 دولار في اليابان ، 681 دولار في أمريکا .
أضف إلى ما سبق هموم الباحثين و الآليات البحثية المنعدمة خاصة المشاکل والعوائق الإدارية و النفسية التي مازالت تعيق حرکيه و إشعاع و حسن مردودية الباحثين العرب إذ بعد أربعين سنه من الاستقلال السياسي للبلاد العربية ، لم تتبلور بعد سياسة للبحث العلمي في العلوم الإنسانية و الإجتماعيه .
و تشير بعض الدراسات إلى أن المؤسسات البحثية العربية تعاني من مشکلات عديدة من بينها : انفصام الصلة بين الجامعات و حقل الإنتاج ، و ابتعاد الجامعات عن إجراء البحوث المساهمة في حل المشکلات الوطنية ، إضافة إلى عدم مشارکة المؤسسات الکبرى و الشرکات و الأثرياء من الأفراد في نفقات البحث العلمي . فمراکز البحوث و الجامعات العربية تعاني من انفصال شبه کامل بينها و بين المجالات التطبيقية خارج أسوارها أو معاملها ، و البحوث التي تجرى بين جدرانها من جانب أساتذتها إنما هي بحوث فرديه لأساتذة يحاولون الإنتاج العلمي بغيه الترقي ، أو النشر ، أو السمعة ، و هي بحوث أضعف من أن تحل مشکلات المجتمع أو تعمل على تقدمه . و هذه الحقائق بشکل عام تعکس الوضع غير السار لحالة البحث العلمي في الوطن العربي ، رغم اتفاق الجميع على أنه لا تقدم بدون بحث علمي يشمل جميع نواحي الحياة .
و لعل أبسط استنتاج يؤکد لنا أن الوطن العربي لم يکن في يوم من الأيام ضعيفا في قدراته الاقتصادية ، ولا في قدراته العلمية ، لکن ضعفه الحقيقي يتجلى في التمزق السائد بين أبنائه ، ثم الجهل بتقدير ما يمتلکه هذا الوطن من مقومات مادية و روحية ، و کوادر قادرة على إثبات کفاءتها و التفوق على أمثالها في أکثر أقطار العالم المعاصر تقدماً و ترکيزاً على المقاربات العلمية ، و أن کثيراً مما يقال عن التخلف في مجال البحث العلمي يعکس حالة من فقدان الإحساس بالحياة و العجز عن مواجهة الإشکاليات ، التي تقف في وجه کل محاولة جادة لتحرير العقل العربي من حالات الإهمال و الاعتماد الکلى على الآخر ، و النظر بکل ازدراء وشک إلى کل إنجاز يقوم به الباحثون العرب هو کما تشير التقارير في مجال الکفاءات العلمية العربية ، أن ثمة 54% من الطلبة العرب الذين يدرسون في الدول الغربية لا يعودون إلى أوطانهم ، و أن 34% من الأطباء البارزين في بريطانيا - وحدها - هم من خيرة الأطباء العرب .
و هناک العديد من التحديات التي تواجه البحث العلمي بشکل عام و البحث الإعلامي بشکل خاص في الوطن العربي من أهمها :
1- انعدام الحريات الأکاديمية و الفکرية العامة في المجتمعات العربية ، وعدم توفير المناخ السياسي الملائم للإبداع ، بإطلاق حريات الأفراد و توفير إمکانيات المشارکة الفعلية أمامهم ، سواء من النخب العلمية أو من مختلف قطاعات الشعب الأخرى.
2- تعثر استراتيجيات التحديث العربية ، وعدم توازنها و عدم فاعليتها و اتساقها .
3-عدم توافر المناخ الملائم للعمل البحثي ، وانتشار البيروقراطية .
4- قلة الحوافز المادية ، و التبعية العلمية و التقنية للخارج ، و ضعف البنيات الأساسية للحراک الإجتماعى و الإقتصادى العربي الذي يفترض أن يشکل القاعدة الصلبة لقيام البحوث العلمية.
5- غياب ترتيب الأولويات الوطنية للبحوث و الدراسات العلمية ، والتأثر بما يتداول عالميا من إشکاليات دون القراءة الواعية للاتجاهات و الإمکانيات و القدرات و المهارات التي قد تکون متعذرة في هذا الصرح العلمي أو ذاک.
6- قلة المخصص للجامعات من وظائف "باحث" و "مساعد باحث"، وعدم القدرة على التواصل المثالي مع قنوات الإعلام المختلفة.
7- عدم وجود ترابط بين مراکز البحوث و المجالات التطبيقية ، و الجامعات و حقول الإنتاج ، مع عدم إجراء البحوث التي تساعد على حل المشکلات الوطنية, وعدم مشارکة المؤسسات الکبرى والشرکات في النفقات .
عبد العزيز عبد اللاه عثمان, عزه. (2014). الإشکاليات المنهجية لبحوث الإعلام الجديد في العالم العربي: دراسة من منظور تحليلي نقدي. المجلة العربية لبحوث الاعلام والاتصال, 2014(5), 4-23. doi: 10.21608/jkom.2014.110267
MLA
عزه عبد العزيز عبد اللاه عثمان. "الإشکاليات المنهجية لبحوث الإعلام الجديد في العالم العربي: دراسة من منظور تحليلي نقدي", المجلة العربية لبحوث الاعلام والاتصال, 2014, 5, 2014, 4-23. doi: 10.21608/jkom.2014.110267
HARVARD
عبد العزيز عبد اللاه عثمان, عزه. (2014). 'الإشکاليات المنهجية لبحوث الإعلام الجديد في العالم العربي: دراسة من منظور تحليلي نقدي', المجلة العربية لبحوث الاعلام والاتصال, 2014(5), pp. 4-23. doi: 10.21608/jkom.2014.110267
VANCOUVER
عبد العزيز عبد اللاه عثمان, عزه. الإشکاليات المنهجية لبحوث الإعلام الجديد في العالم العربي: دراسة من منظور تحليلي نقدي. المجلة العربية لبحوث الاعلام والاتصال, 2014; 2014(5): 4-23. doi: 10.21608/jkom.2014.110267