رؤية الصحفيين والإعلاميين المصريين لتأثير النزعات الإحتکارية على مناخ التعددية والتنوع السائد في ممارسات وسائل الإعلام الخاصة وفي کفاءة السياسات المالية والإدارية لهذه الوسائل وتطورها

نوع المستند : بحوث علمیة متخصصة فی مجال الاعلام والاتصال.

المؤلف

أستاذ الصحافة المساعد بکلية الإعلام ، جامعة القاهرة

المستخلص

مشکلة الدراسة وأهميتها :

لا شک أن سوق صناعة الصحافة في مصر - والسوق الإعلامية عموما - قد شهدت خلال العقدين الأخيرين نموا هائلا في حجم الاستثمارات بها ، وفي عدد المشروعات الصحفية والإعلامية التي ظهرت للوجود ، حيث زادت أعداد الصحف الصادرة عن الشرکات الخاصة ، خلال العقد الأخير مقارنة ببدايات عودة هذه التجربة ، رغم ضغوط الظروف والأوضاع الاقتصادية ، بل إن معظم الصحف الصادرة أصبحت تميل إلى نمط الصحف اليومية ، بعد أن استمرت تجربة الإصدار الأسبوعي تسيطر على المشهد الإعلامي قرابة عشر سنوات خلال الفترة من 1995- 2004 ، وحتى صدور صحيفة المصري اليوم ، وما تلاها بعد ذلک من الصحف اليومية الأخرى ، وزاد عدد القنوات والمحطات التليفزيونية الفضائية الخاصة ، بل إن هذه القنوات – وخلال فترة وجيزة – استطاعت أن تؤسس لنفسها شبکات إعلامية تضم عددا من القنوات المتباينة في خدماتها وجمهورها ، وفي الجانب الآخر فإننا إذا ما أخذنا في الإعتبار أن المؤسسات الإعلامية القومية المملوکة للدولة رغم ظروفها ومشکلاتها المالية والإدارية والمهنية مازالت قائمة وتمارس نفس دورها الإعلامي ، حتى لو اختلفنا مع بعض سياساتها وأسلوب إدارتها ، وأن هذه المؤسسات تمتلک من عناصرالاستثمار ومقومات الإنتاج ما يفوق وسائل الإعلام المملوکة للقطاع الخاص بمراحل ، سندرک دون شک أننا أمام سوق وصناعة إعلامية قوية وراسخة من حيث عناصرها ومؤشراتها الکمية ، إلا أنه في الجانب الآخر لا أحد يستطيع أن ينکر حجم التحديات والتهديدات التي تواجهها صناعة الإعلام في مصر ، حيث تؤکد بعض الدراسات والمؤشرات أن صناعة الإعلام في مصر عموما تعاني من نزيف الخسائر المستمرة ، ومن انخفاض معدلات الربحية ، کما تعاني من عزوف الجماهير عنها لصالح الإعلام البديل وشبکات التواصل الاجتماعي ، ونتيجة لتراجع مستوى الأداء المهني والإعلامي ، وسيادة حالة من الفوضى والإنفلات الأخلاقي في أداء کثير من هذه الوسائل ، وعدم وجود سياسات إعلامية وتحريرية واضحة لمعظم هذه الوسائل ، وفشل إدارات هذه المؤسسات الإعلامية في تطوير أساليب الإدارة والمداخل الاقتصادية والسوقية التي تستطيع من خلالها تحقيق الإيرادات وتعظيم الأرباح من المصادر المختلفة ، وهو الأمر الذي أدى بکثير من أصحاب رؤوس الأموال وأصحاب هذه المؤسسات الإعلامية الخاصة إلى ضرورة التفکير في إعادة هيکلة هذه الوسائل ، ومحاولة البحث عن نماذج اقتصادية وإدارية بديلة لتلک النماذج التقليدية الموروثة ، فاتجه البعض منهم إلى تبني سياسة التحالفات والإندماجات الإعلامية ، وإلى تبني مفاهيم ترکيز الملکية بدلا من مفاهيم واستراتيجيات توسيع قاعدة الاستثمار ، وإلى تغليب النزعات الإحتکارية على السوق بدلا من تطوير سياسات هذه الوسائل وتطوير وظائفها على المستوى النوعي ، ومحاولة الحفاظ على حرية المنافسة ، وحرية السوق وتنظيم المنافسة وفق آليات مشروعة ، وهو الأمر الذي أثار معه الکثير من التساؤلات المهمة التي تعکس طبيعة مشکلة هذه الدراسة ، ولعل أبرزها : هل تمثل محاولات أصحاب رؤوس الأموال وملاک المؤسسات والمشروعات الإعلامية الخاصة في مصر - فيما يتعلق بتوجهاتهم نحو التحالفات والإندماجات وترکيز الملکية - محاولة لإعادة هيکلة السوق وتصحيحه نتيجة الأزمات المالية السائدة ، وهل هم في ذلک مدفوعين باعتبارات اقتصادية وإدارية ، أم أن هذه المحاولات المستميتة لا تعدو کونها مجرد محاولة للسيطرة على سوق صناعة الإعلام في مصر ، وفي فرض رؤى وتصورات سياسية واقتصادية واجتماعية معينة ، تتوافق مع مصالحهم وتوجهاتهم ، بغض النظر عن کافة الإعتبارات المهنية والأخلاقية ، وإعتبارات حرية وسائل الإعلام واستقلاليتها وضمان التعددية والتنوع بها ؟ وهذا ما سوف تبحث فيه هذه الدراسة وتجيب عنه على مدار مباحثها .

انتهت الدراسة إلى مجموعة من النتائج شديدة الأهمية ، والتي تؤکد بما لا يدع مجالا للشک أن سوق صناعة الصحافة والإعلام في مصر تشهد مجموعة من التحولات الجذرية في أنماط مليکة وسائل الإعلام وفي أساليب تنظيمها وإدارتها وفي سياساتها المالية والإدارية ، ولعل أبرز هذه النتائج ما يلي :

- انتهت نتائج الدراسة الميدانية وتحليلاتها الإحصائية ، إلى أن النسبة الغالبة من أفراد عينة الدراسة - من الصحفيين والإعلاميين معا – والتي بلغت83.4% من إجمالي العينة ، قد ذکرت أنها تدرک وبدرجة کبيرة وجود نزعات إحتکارية  لدى بعض ملاک الصحف والقنوات الفضائية الخاصة من رجال الأعمال.
- تشير النتائج في تحليلها الأخير إلى أن أفراد العينة من الإعلاميين العاملين في القنوات الفضائية الخاصة ، أکثر إدراکا لحدوث مثل هذه التوجهات والنزعات الإحتکارية في سوق صناعة الإعلام ، مقارنة بالصحفيين ، وأنهم أکثر رفضا لکون مثل هذه التوجهات الإحکتارية.
- تشير نتائج الدراسة في تحليلها الأخير ، إلى وجود قدر کبير من الإتفاق بين المجموعتين – أفراد عينة البحث – فيما يتعلق برؤيتيهما لأهم الأسانيد والمنطلقات والشواهد الموضوعية الدالة على غلبة النزعة الإحکتارية ، لدى عدد من رجال الأعمال والمستثمرين في المجال الإعلامي .
- انتهت النتائج إلى اتفاق النسبة الغالبة من المبحوثين على أن تزايد التوجه نحو سياسة الإندماج وترکيز الملکية في أيدي عدد قليل من رجال الأعمال والمستثمرين قد أدى إلى تراجع هامش التعددية والتنوع في الممارسة الإعلامية.
 

الكلمات الرئيسية